الإنسان جوهر التنمية البشرية
4231
06 / 10 / 2018
إن تفحص مواثيق
الأمم المتحدة وتقارير برامجها الإنمانية تجعل الباحث يستخلص أن الإنسان يشكل جوهر
التنمية البشرية ، فلا تنمية بدون إنسان ، ولا إنسان بدون تنمية . وصفة " البشرية
" أو الإنسانية التي جاءت كنعت للشيء الموصوف وهو التنمية ، لا تخلو من مغزى
حول أهمية الإنسان في منظور التنمية البشرية ، وهذا ما يفسر تعريف البرنامج
الإنمائي لهذه الأخيرة بأنها (( تنمية الناس من أجل الناس بواسطة الناس )) . فمصطلح " الناس"
يتكرر ثلاث مرات في جملة واحدة ، مما يعني محورية الإنسان وجوهريته في العملية
التنموية . وتنمية الناس تعني الاستثمار في قدرات البشر لتمكينهم من العمل
والإبداع على نحو منتج وخلاق ، بينما تعني عبارة (( من أجل الناس )) أن الإنسان هو
الهدف والغاية في عملية التنمية . وقد جاءت في صيغة الجمع للدلالة على ضمان توزيع
ثمار النمو الاقتصادي على كل البشر توزيعا عادلا . أما عبارة (( بواسطة
الناس )) فتعني أن الإنسان هو وسيلة وأداة التنمية ، وأن من حقه المشاركة فيها قصد
الاستفادة من عوائدها ، لذلك أصبحت المشاركة الشعبية التي تحيل على دور الإنسان في
الحياة التنموية من المقولات الرئيسية في التنمية البشرية وأحد غاياتها. .
ويؤكد المهتمون بهذا الحقل أن تنمية الموارد البشرية
يعتبر الإنسان جزءا لا يتجزأ من التنمية الاقتصادية ، لذلك لا نبالغ إذا تبنينا
مقولة " إنسية " التنمية البشرية لكونها تتجه في المقام الأول نحو
الإنسان وتنميته جسديا ونفسيا وعمليا ، وزيادة خبراته وتأهيله تأهيلا مناسبا ، مع إشباع
حاجياته الصحية والتعليمية وصيانة حقوقه المدنية .
ولعلّ المعادلة التي تكشف عن العلاقة الجدلية بين
التنمية البشرية والإنسان ، هو أن مسؤولية التنمية لا تلقى على عاتق الدولة فحسب ،
بل هي مسؤولية الإنسان نفسه ، شريطة أن تؤمن له الدولة وسائل التنمية ، فبواسطة
الموارد الاقتصادية يستطيع بعقله وأفكاره أن يطور ويستخدم هذه الموارد بمهارة
وكفاءة ، كما يمكنه أن يبتكر ويزيد في كميات الإنتاج ويبدع التكنولوجيا الحديثة
بمهاراته الذهنية .
ومن تحصيل الحاصل أن التركيز على الإنسان كوسيلة وغاية
في التنمية البشرية، يعني منح صفة الديمومة والاستمرارية لها ، لأن الإنسان هو عنصر الحاضر كما هو عنصر
المستقبل ، ولا يمكن للإنسان الراهن أن يحتكر ثمار التنمية لنفسه دون أن يورثها
للإنسان المستقبل ؛ لذلك نعتت التنمية البشرية بأنها إنسانية من جهة ، وأخلاقية من
جهة أخرى ، فبقدر ما هي قضية تنموية أخلاقية ، بقدر ما تصوغ الحاضر كما تصوغ
مستقبل الأجيال القادمة ، وبالتالي فهي ملك للإنسان
والإنسانية حاضرا ومستقبلا .
موقع أعرف